|| ||
Max Web Site - the best solution - ميني ماكس ويب سايت - الحل الأفضل

إلى “السيد” الساكن في هليوبوليس: لا تذهب إلى جحيم نقاد المقهى

إلى “السيد” الساكن في هليوبوليس: لا تذهب إلى جحيم نقاد المقهى خالد أبو النجا الكاتب أشرف سرحان مصر مجلة نقد 21

إلى “السيد” الساكن في هليوبوليس: لا تذهب إلى جحيم نقاد المقهى
4 أغسطس، 2023
سينما – العدد الحادي والعشرون

 

ذات مساء مُتأخرا كنت أجلس في منزلي المُحاط بالجليد وسط غابة قريبة من موسكو لا أرغب في سماع المُوسيقى، ولا الذهاب إلى الحانة- البرد قارس بالخارج- ولا التحدث في الهاتف مع أحدهم، يغلفني مُتململا مزاج يبحث عما يبهج، فما أطول إجازة نهاية الأسبوع على شخص في غربة يمتهن الفن ولا يمارسه كما حلم به، وفي بحثي عن البهجة المُبتغاة كتبت اسم خالد أبو النجا على جهاز الكيبورد حيث يعجبني هذا المُمثل الذي صعد باجتهاده من مُجرد مُمثل عادي إلى صفوف أولى في السينما المصرية، ويعجبني أداؤه المُختلف والسهل، وطريقة نطقه لجمل الحوار بلهفة، أو قل “لهوجة” لطيفة إن جاز التعبير- وهذه مسألة أخرى- المُهم إني اكتشفت أنه يتحدث عن أفلامه مع مُخرج لأول مرة أسمع به اسمه أحمد عبد الله السيد، وأن هناك فيلمين صدرا له مُتتاليين في توقيت مُتقارب؛ فوجدتني بدافع تغيير مزاج الملل الليلي أبحث عن فيلم  “ميكروفون” الذي أسهب أبو النجا في الحديث عنه، لعله يكون مُبهجا أو به سينما وصفو مزاج. بعد بضع دقائق من مُشاهدة شريط الفيلم أوقفت المُشاهدة وبحثت عن اسم المُخرج والسيناريست مرة أخرى، وغصت بكياني طوال ليلة كاملة أبحث عن أسماء، وأشاهد أفلام هذا المُخرج الجديد- علي الأقل بالنسبة لي- يبدو أن صيدي وجدني، أو أنا وجدت صيدي، وكانت نهاية أسبوع من أروع ما يكون مع سينما تحترم فن السينما أولا، وبالتالي تحترم المُشاهد، وفي نشوة المزاج الذي اعتدل، وإمعانا في التعرف على المُخرج قرأت بعض الكتابات عنه وعن أفلامه، ولكني صُدمت من بعض “الكتبة” وسط قراءات أخرى عن افلام “السيد” لنقاد مُحترمين يدركون معنى أن تكون ناقدا سينمائيا، ولديك أرضية ثقافية متنوعة تجعل مُشاهدة الفيلم أو التعامل معه مُتعة أخرى.

 

هؤلاء “الكتبة”- أسميهم نقاد المقاهي والعدم- للأسف المقهى الآن لا يتخرج فيه نقاد لأن المقهى أصبح يشبه زمنه، مُجرد استراحة في وسط ضوضاء، ومن الضروري أن نرى بأن هؤلاء الأرزقية أخذوا نقديا أفلام “السيد” إلى مستواهم الضحل، بل إنهم أضروه كمُبدع يبشر بأمل جديد في فن السينما المصرية بعد غياب وتعتيم على الإبداع، ولنر كيف أضروه تحت مُسميات أحمد السيد، مُخرج “مُستقل أو يبدع أفلاما مُستقلة”.

 

مثلا، في مقولة فلسفية دشن المُخرج المُتميز أحمد عبد الله السيد هذه المقولة التي أراها بلا احتياج حقيقي أمام جماليات أفلامه. حيث قال في لقاء صحفي: هدفي هو الوصول إلى الناس؛ لأن الفن يحتاج إلى خالق ومُشتري. إذا كان أحدهما مفقودا، فلا يوجد فن.

 

في المُقابل نقديا تم تصنيف مُخرجنا على أنه ابن السينما المُستقلة- هذا المُصطلح سهل التداول عند بعض الكتبة- وأرى من وجهة نظري أن “أحمد عبد الله السيد” مُخرج سينما مُتميز ورصين، وبلا أي تصنيفات فارغة لملء فراغات الكتابات المُسماه نقدية، والتي صنفت أفلامه بأنها سينما مُستقلة. لم يناقش أحدهم الأسلوبية الواضحة في أفلامه، أو وحدة الموضوع، أو نمط  المُمثلين الواضح في كل أفلامه، والهم المُصاحب للأداء لكل الشخصيات في أفلامه. أين نقدهم من  مأزق شخصيات أفلامه أمام مُعضلات الحياة، وهو مأزق مُؤلم مغزول في تتابع سينمائي بسيط وعميق وربما مُعارض ورافض لعدة أوضاع، بل هو كذلك في طياته.

 

أعود إلى مقولته سالفة الذكر حول هدفه من الوصول إلى الناس، ووجود الفن قائما طالما الخالق والمُشتري على نفس الموجة. حالة التسليع في هذه المقولة تُقلل من إبداع هذا الرجل، وأراها تأتي بسبب التهافت النقدي التسليعي أيضا لأفلامه من قبل نوادر غير المُتخصصين بالنقد السينمائي-  نقاد المقهي والعدم-  فربما تأثر “السيد” ببعض الكتابات عن أفلامه، وأمام ضغط الأسئلة وتهافت الصحافة؛ فتورط للبحث عن إجابات بها عمق ما وزخرفات لفظية لا يحتاج إليها، فأفلامه الجميلة تكفيه أن يظل مُفكرا، وأن نراه مُبدعا ذا سمت خاص وسط أجواء سينمائية مصرية وعربية مُتقلبة. ووسط إنتاج يحتاج فيه المُخرج إلى أن يكون بخبرات مُقاتل من الساموراي، وأنا هنا لا ألومه علي مقولته بقدر ما أشير إلى أنه تورط واشتبك مع مُصطلح نقاد المقهي “السينما المُستقلة”، وصار جزءا من هذا الاشتباك ضد فنه دون أن يدري.

 

الفن يجب أن يصل إلى الناس، فليس هناك جديد. خلصت. دعنا من مقولات الفن للفن، والفن للمُجتمع لأنها مقولات تقيد حركة الإبداع الفني. الفن حرية وضرورة معروفة كما قال الفيلسوف “هيجل”. وأتمنى من أحمد عبد الله السيد ألا ينجر إلى موجات نقد المقهى، ومقولات نقادها، وأكاد أمسك ميكروفونه السكندري الجميل وأصرخ: ابتعدوا عنه، دعوه يعمل بدون نقدكم الذي قد يحجم مُنتجي السينما عن تمويل أفلامه بسبب تصنيفاتكم السهلة. فالمعروف ضمنا بين وسط بعض المُنتجين- فيلم مهرجانات ولا فيلم سوق وحدوته بنبوناية ظريفة- تكرار تصنيف أفلام السيد يضر ولا ينفع. وكذلك تحميله بأنه خليفة المُخرج الراحل محمد خان أيضا يضر لو تعلمون.

 

يا أيها السادة نقاد المقهي الأرزقية  الجهابذة: لا تقتلوه كما قتلتم خان وغيره، ولا تجروه إلى أرضكم فيحاول إرضاء نزعتكم بمقولات أقل من مستوى إبداعه لملء فراغات أنتم تستسهلون الاسترزاق منها بلا إبداع حقيقي أو نقد حقيقي. أغلب ما قرأت من كتابات عربية عن أفلامه تحكي قصة الفيلم وبراعة المُمثل الفلاني- خاصة إن كان نجما- دون حالة إضافة وتحليل حقيقي لمفهوم السينما والأسلوبية في الفيلم، وجو التوتر المُشتعل تحت رماد الحياة وجودة الحوار المُختصر لصالح الصورة والمُونتاج المتوافق مع رماد التوتر. لا أريد أن أطرح أمثلة من هذه الكتابات شبه النقدية، ولكني أريد أن أشير إلى ما كتب في الدوريات العالمية المُتخصصة في السينما، والتعليقات المُصاحبة لهذه الكتابات عن أحمد عبد الله السيد، وعن أفلامه مُفندة دقائق الفيلم وكيف استقبل المُعلق- الفيلم المصري- أثناء عرضه في مهرجان كذا، والاحتفاء الرزين بمُبدع سينمائي يحمل هما خاصا مُتمثلا في بسطاء الناس دون الدخول إلى تصنيف أفلامه بأنها سينما المُهمشين، لأننا في الواقع كلنا مُهمشين لو تدرون، وكلنا لا نملك هذا الاستقلال السينمائي أو غير السينمائي الوهمي والمزعوم. وتيمة وموضوعات وحكايات أفلام أحمد عبد الله السيد تقول ذلك بوضوح، وأزيد من الشعر بيتا. فعندما عدت إلى مصر مُنذ سنوات قليلة؛ تم تكليفي من أحد المُنتجين بإيجاد مُخرج لنص سينمائي يتولي المُنتج تمويله مع آخرين؛ فطرحت اسم مُخرجنا “أحمد عبد الله السيد”. ويبدو إني نكأت جرحا عند المُنتج وشركاه، بل كان من ضمنهم من تزعم مقولة: آه بتاع السيما المُستقلة، لا يا عم؛ دا العيال كاتبة عنه بيمجدوه عشان أصحابه، وبعدين مش مفهوم عاوز إيه، بقى دا كلام؟!

 

صُعقت برغم شهرة المُنتج والحاضرين واعتقادي في ذائقتهم الفنية، وبعد نقاشات كثيرة مع آخرين حول نفس الموضوع توصلنا إلى أن السبب الذي جعل الجلسة ضد الاقتراح هو مُصطلح “السينما المُستقلة”، و”سينما المهرجانات” التي أسهب الحواة المُتنطعون نقديا في الحديث عنها من دون دراية كافية واستسهال يصل لحد حرمان السينما من مُبدع يبشر ببارقة أمل! أتمنى من أحمد عبد الله السيد ألا يتماس مع أرزقية المقهى ليظل مُبدعا راقيا من دون ضجيج.

الكاتب
أشرف سرحان
مصر
مجلة نقد 21

 

 

شاهد أيضاً

michael-porters-value-chain-6

لنفهم كيف تحقق الشركات الأرباح 2: تحليل سلسلة القيمة

مخطط نموذج العمل Business Model Canvas

لنفهم كيف تحقق الشركات الأرباح 1: تحليل نموذج العمل

سمير العيطة samir_al_aita

«طوفان» يبحث عن إجابات